باب ذكر قسوة القلب
وقوله تعالى: ﴿فَبِمَا
نَقۡضِهِم مِّيثَٰقَهُمۡ لَعَنَّٰهُمۡ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَٰسِيَةٗۖ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ﴾ [المَائدة: 13].
****
لا زال المؤلف رحمه
الله في ذكر كبائر القلوب، ومنها: كبيرة قسوة القلب، وهي كبيرةٌ من كبائر الذنوب،
وهذا القلب هو مَلِكُ البدن كما قال صلى الله عليه وسلم: « ألا وإنَّ في الجسدِ مُضْغة إذا
صَلَحَت صَلَح الجسدُ كلُّه، وإذا فَسَدَتْ فَسَد الجسد كلُّه ألا وهي القلب » ([1])، فإذا كان هذا
القلب لَيِّنًا بذكر الله لانت له الأعضاء وانطلقت في فعل الخير، وإذا كان هذا
القلب قاسيًا، فإن هذا يؤثِّر على كلِّ الأعضاء قسوةً وجمودًا وكسلاً عن طاعة الله
جل وعلا، وهذا القلب قد يقسو ويكون أشدَّ من الحجر، قال تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتۡ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَٱلۡحِجَارَةِ
أَوۡ أَشَدُّ قَسۡوَةٗۚ وَإِنَّ مِنَ ٱلۡحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنۡهُ ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ
وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخۡرُجُ مِنۡهُ ٱلۡمَآءُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا
لَمَا يَهۡبِطُ مِنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا
تَعۡمَلُونَ﴾ [البَقَرَة: 74]، فالقلب يكون أقسى
من الحجر إذا أعرض عن ذكر الله،
وقسوة القلب لها أسباب سيأتي ذكر بعضها.
قال تعالى: ﴿لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ﴾ [الحَشر: 21]، فتلاوة القرآن بتدبُّر تُليِّن القلب ولكن إذا أعرضَ القلب عن تدبُّر هذا القرآن، وعن تأمُّله فإنه يقسو، مع أنَّ القرآن لو خاطب به الله الجبلَ لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله، لأنَّ قلبَ ابن آدم يكون أشدَّ تجمدًا وقسوةً من الجبل، فهذا هو القصد من هذا
الصفحة 1 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد