باب قول: هلك الناس
عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «إذا قالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ،
فَهُوَ أهلَكُهم». رواه مسلم([1]).
****
هذا فيه النهي أن
يقول المسلم: هلك الناس، وهذ يرجع لأمرين:
الأمر الأول: لأنَّ فيه تزكية
للنفس، يعني: هلك الناس إلاّ القائل، ويكون بذلك فضَّل نفسه عليهم ورأى أنَّه خيرٌ
منهم، والأمر الثاني: أن فيه تشاؤمًا وتعميمًا، أي: إنَّ الناس كلهم في نظره على
شرّ، على سبيل ازدرائهم واحتقارهم وتقبيح أحوالهم، فلا يجوز تعميم الهلاك على الناس
فإنَّ الخير موجود، وكيف تحكم على جميع الناس بالهلاك وأنت لست مطِّلعًا على
أحوالهم جميعًا، وفي هذا القول تقنيط للناس وتثبيط للهمم، فالواجب على المسلم أن
يمسك لسانه إلاَّ عن قول الخير. فلا يهلك الناس جميعًا، ولا يكفر الناس جميعًا،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق»([2])، فهذا يقتضي أن لا
يهلك الناس جميعًا، فإذا قلت: هلك الناس، فكلهم في نظرك ضالون هالكون، وهذا خلاف
قول النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تبرِّر قولك هذا وتدَّعي أنَّه من باب الغيرة
وإنكار المنكر.
وهذه اللفظة وَرَدَ
في ضبطها روايتان الأولى: «أهْلَكُهُم»بالضم، أي: هو أشدُّهم هلاكًا، وفي
رواية: «أهلكَهم» بالفتح، يعني: جَعلَهم هالكين، لا أنهم هالكون في
الحقيقة، فهو بهذا الكلام قد أزال الخير كله من الناس حيث حكم عليهم بأنهم هالكون.
*****
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد