باب ما جاء في ذي الوجهين
وقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا﴾ [البَقَرَة: 14].
وقوله: ﴿مُّذَبۡذَبِينَ
بَيۡنَ ذَٰلِكَ لَآ إِلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِ وَلَآ إِلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِۚ﴾ [النِّسَاء: 143].
ولهما ([1]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «تَجِدُون شَرَّ النَّاسِ يَومَ
القِيامَةِ ذا الوَجهَينِ الَّذي يَأْتي هؤُلاءِ بوَجْهٍ وهؤلاءِ بوَجْهٍ».
وعن أنسٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ كان ذا لِسانَينِ جَعلَ اللهُ له
يَومَ القِيامَةِ لِسانَينِ مِنَ النَّارِ»([2]).
****
«ذو الوجهين» هو المتلون مع الناس، حيث
يقول في المجلس ما يرضي أهله، ثم يذهب عند آخرين فيمدحهم ويرضيهم ويشتم الأَولين،
فهو يبدو عند قوم بوجه وعند آخرين بوجه آخر، وهذا هو النفاق ‑ والعياذ بالله ‑ وهذه
هي المداهنة المحرَّمة، فيُظهِر لأهل المنكر أنه عنهم راضٍ فيلقاهم بوجهٍ سمح
وبالبشر، وكذلك يظهر لأهل الحق، ولهذا فهو قد استحقَّ الوعيد الشديد، وقد وصف الله
تعالى هؤلاء بقوله: ﴿مُّذَبۡذَبِينَ
بَيۡنَ ذَٰلِكَ لَآ إِلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِ وَلَآ إِلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِۚ﴾ [النِّسَاء: 143] وقال في الآية
الأخرى: ﴿وَإِذَا
لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ
شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ﴾[البَقَرَة: 14].
أما المسلم فهو صادق لا يتلوّن ولا يرائي، ويعامل كلًّا بما يستحق شرعًا، ويلتزم تقوى الله والصدق في كل مقام ومجلس في جميع أحواله، فهو إنما يعامل الله ويطلب رضاه ولا يطلب رضا البشر.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6058)، ومسلم رقم (2526).
الصفحة 1 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد