×
شرح كتاب الكبائر

باب: ذكر ضَعفِ القلب

وقول الله تعالى: ﴿وَرَبَطۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ[الكهف: 14] الآية.

****

ومن آفات القلب، أيضًا ضَعفُه، فحينما يكون القلب ضعيفًا، فإنَّه لا يصبر على الشدائد ولا يُحسن الظنَّ بالله عز وجل، وإذا أصابه شيء ضَعُفَ، ولم يتحمل ولم يصبر، فإنَّ مَن يَضعف عن مقابلة الشدائد ولا يتحمل مواجهتها، فتخور قُواه، كما يقولون: تنهار أعصابه، فهو ضعيف القلب، بخلاف الذي يكون قلبه قويًّا واثقًا بالله عز وجل، فهذا لا تؤثر فيه الأحداث مهما اشتدَّت، ولا تنهار أعصابه، بل يبقى شامخًا قويًّا يواجه الشدائدَ والمصاعب، ويخرج منها مرفوع الرأس بإذن الله، أما الذي ينهار عند أول شِدَّة، فهو ضعيفُ القلب، وضَعفُ القلبِ آفة تؤدِّي إلى ضعف الإيمان، وقد وصف الله تعالى أمثال هؤلاء، فقال: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ [الحَجّ: 11] هذا نتيجة ضعف القلب، وقال: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتۡنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِۖ [العَنكبوت: 10] فهو مثل الذي يَسْتَجِير من الرَّمضاء بالنار، فهو قد خرج مِن شدَّةٍ إلى شِدَّةٍ أكبر منها، وخرج من حرارة إلى حرارةٍ أشد والعياذ بالله ولو أنه صبر على الحرارة اليسيرة لنجى مِن الحرارة الكبيرة ولَـخَرجَ من الفتن قَويَّ القلب قويَّ الإيمان، أما ضعيفُ القلب فهو على خطر، فكما أنَّ القلب يقسو، فهو كذلك يضعف. وأما قوله تعالى: ﴿وَرَبَطۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ [الكهف: 14] فهو في سياق الحديث عن أصحاب


الشرح