×
شرح كتاب الكبائر

باب ذكر تأكُّده في الأموات

عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: «لا تسبُّوا الأَمْواتَ فإنَّهم قَدْ أَفْضَوا إلى ما قَدَّمُوا». رواه البخاري ([1]).

****

 قوله: «تأكُّده في الأموات» أي: تحريم اللعن في الأموات لأنَّ سَبُّ الأموات يجري مجرى الغيبة، فإنَّ الواجب احترام الأموات وعدم الوقوع في أعراضهم، فكما أنه لا يجوز الوقوع في أعراض الأحياء، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، فالوقوع في أعراض الأموات أشد، فلا يجوز ذِكْر مساوئهم وغِيبتهم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تَسُبُّوا الأمْوات» أي: بأي نوع من السبِّ والتنقص، حتى وإن كانوا عصاة؛ لأنهم مسلمون وحُرمة المسلم ميتًا كحرمته حيًّا، ولأنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَفْضُوا إلى ما قَدَّموا» أي: وَصَلُوا إلى ما عملوا من خير أو شرٍّ، فلا تلاحقهم أنت بعد موتهم، ولكن كِلْ أمورَهم إلى الله سبحانه وتعالى، ولأنَّ في سبِّ الأموات إهانةٌ للأحياء، كما في الحديث: «لا تَسُبُّوا الأَمْواتَ فَتُؤْذُوا الأَحْيَاءَ»([2])، فهذا الميت قد يكون له أقارب وأولاد، فإذا سُبَّ تأذى بذلك أقاربه، فالحاصل أنَّ سبَّ الأموات محظور من كل الوجوه، فلا يجوز سبهم ولا تنقُّصهم، وإنما يُندَبُ الترحم على أموات المسلمين والدعاء لهم، فإنَّ رحمة الله واسعة.

*****


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1393).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (1982)، وأحمد رقم (18210).