×
شرح كتاب الكبائر

باب ما جاء في لَمْز أهل طاعة الله  والاستهزاء بضَعَفتهم

عن أبي ([1]) مسعود رضي الله عنه قال: لما نَزَلتْ آيةُ الصَّدقةِ كُنَّا نُحامِلُ على ظُهورِنا، فجاءَ رَجَلٌ فتَصَدَّقَ بشيءٍ كَثيرٍ، فقالوا: مُرَاء، وجاءَ رَجُلٌ فتَصَدَّقَ بِصاعٍ، فقالوا: إنَّ الله لَغَنِيٌّ عن صاعِ هذا، فنزلت: ﴿ٱلَّذِينَ يَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِينَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ[التّوبَة: 79]» ([2]).

*****

 قوله: «باب ما جاء في لمز أهل طاعة الله» هذا الباب في بيان صفات المنافقين، الذين يلمزون أهل طاعة الله، أي: يعيبونهم ويستهزئون بهم، والاستهزاء لا يجوز مطلقًا، قال الله تعالى: ﴿وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ[الهُمَزة: 1]، وقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ[الحُجرَات: 11]، ﴿وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أي: لا يعب بعضكم بعضًا؛ لأنَّك إذا عبت أخاك فإنما تعيب نفسك، لأنَّ المؤمنين كنفس واحدة، ولأنَّ المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره لأخيه ما يكرهه لنفسه، واللَّمز: التَنقُّص.

وقوله: ﴿وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ اللقب ما أشعر بمدح أو ذم، والمنهي عنه اللقب الذي فيه ذم، ثم قال: ﴿بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ[الحُجرَات: 11]،


الشرح

([1])  في الأصل: ابن مسعود، والمثبت هو الصواب.

([2])  أخرجه: البخاري رقم (1415)، ومسلم رقم (1018).