×
شرح كتاب الكبائر

باب الحسد

وقول الله تعالى: ﴿أَمۡ يَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۖ [النِّسَاء: 54].

عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخيهِ ما يُحِبُّ لِنَفسِهِ» ([1]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «إيَّاكُمْ والحَسَدَ، فَإنَّه يأكُلُ الحَسَناتِ كما تَأْكلُ النَّارُ الحَطَبَ»، أو قال: «العُشْبَ». رواه أبو داود ([2]).

****

هذا الباب في بيان كبيرة من كبائر الذنوب وهي الحسد، والحسد هو: تمني زوال النعمة عن المَحْسود، سواء تمنى زوالها عن المحسود فقط أو تمنى أن تُسلب منه وتُعطى للحاسِد، وهو كبيرة؛ لأنه اعتراض على الله سبحانه وتعالى فيما يقدِّره ويقضيه، فإنَّ الله سبحانه يعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويؤتي فضله من يشاء، فلا أحد يعترض عليه، وهو أعلم سبحانه بمن هو أهلٌ لفضله، فالحاسد معترض على الله، يريد أن يمنع عطاء الله عن عباده ويـحاول أن يرد ما قدَّره الحقُّ سبحانه، قال تعالى: ﴿مَّا يَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةٖ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا يُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ[فَاطِر: 2]، فلا يجوز للعبد أن يعترض على خالقه، ولكن إذا رأيت نعمةً على عبد فاسأل الله أن يعطيك من فضله، قال تعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوۡاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبُواْۖ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبۡنَۚ وَسۡ‍َٔلُواْ ٱللَّهَ مِن


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (13)، ومسلم رقم (45).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (4903)، وابن ماجه رقم (4210).