×
شرح كتاب الكبائر

باب الشفقة على الرعية

وقول الله تعالى: ﴿وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِينَ [الحِجر: 88]، وقوله: ﴿فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ الآية [آل عِمرَان: 159].

ولمسلم ([1]) عن عائشةَ رضي الله عنها مرفوعًا: «اللَّهُمَّ مَن وَلِيَ مِنْ أمرِ أُمَّتِي شَيئًا فَشَقَّ عَلَيهِم فاشقُقْ عَليهِ، ومَن وَلِيَ مِن أمرِ أُمَّتي شَيئًا فَرَفَقَ بِهم فارْفُقْ بهِ».

****

من مهمات الراعي أن يُشفق على الرعية، ولا يَشُقَّ عليهم، ولا يحملهم أمرًا يَصْعُب عليهم، وينظر في أمر ضعفائهم، ولا يكون نظره فقط إلى الأقوياء وأصحاب الشأن، ولا يسلط الأقوياء على الضعفاء، بل يكون نائبًا عنهم حتى يأخذ الحق لهم.

وقوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: ﴿وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِينَ، فالنبي صلى الله عليه وسلم راعٍ وهو أول الولاة، وكل من يأتي بعده فإنه يَخلُفُه، وقوله له: ﴿وَٱخۡفِضۡ أي: تواضع لهم، أما قوله تعالى في الآية الثانية: ﴿فَبِمَا رَحۡمَةٖ فـ «الباء» حر ف جر و «ما» صلة مؤكدة، والأصل فبرحمة من الله، ولذلك صار الاسم مجرورًا بالباء ويقول الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: الله هو الذي جعل هذه الرحمة في قلبك فَلنت لهم من غير ضعف واستمعت لكلامهم، ومعنى هذا أنَّ لِيْنَه لهم ما كان إلاّ برحمةٍ من الله، ولذلك لا بد للولاة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتأسّوا به في ذلك، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ [آل عِمرَان: 159]، لأنَّ اللين من


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1828).