باب التّشدُّق وتكلُّف الفَصَاحة
وقوله الله تعالى﴿وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ
تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ﴾ الآية [المنَافِقون: 4].
عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما مرفوعًا: «إنَّ من البَيانِ لَسِحْرًا» ([1]). رواه البخاري.
****
هذا الباب وصف
للمنافقين الـذين يعتنون بمظاهرهم وبكلامهم فيُجَمِّلون القول ويُنمِّقونه
ويتفاصحون فيه، ولكن مع ذلك فهم والعياذ بالله قلوبهم حاقدة، فما نفعهم حسن المنظر
ولا فصاحة اللسان، لا سيِّما وقد استعملوا ذلك في الباطل، لذلك جاء تحذير الله
المسلمين من المنافقين في غير ما موضع من كتابه الكريم، وكذلك حذَّر النبيُّ صلى
الله عليه وسلم منهم فقال: « إنَّ أَخوَفَ ما أخافُ
على هذه الأمُّة كلُّ منافقٍ عليمِ اللِّسان »([2]). فعليمُ اللِّسان
عنده فصاحة في القول، وليس في قلبه خشية لله، ولهذا فإنه يُخشى منه أن يخدع من
يستمع إليه، وعليه فإنه لا ينبغي للمسلم أن يتصَّف بصفة من صفات المنافقين التي
ذمَّها الله تعالى من خلال الآية المذكورة في أول هذا الباب وفي غير ما موضع من
كتابه الكريم، أو التي حذَّر منها صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث.
وفي حديث آخر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إنَّ من الشِّعر حِكمة » ([3]). فالشِّعر فيه حكمة، حيث تتعدد أغراضُه ولا سيِّما
([1])أخرجه: البخاري رقم (5146).
الصفحة 1 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد