باب ما جاء في كثرة الكلام
وقول الله تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيۡكُمۡ لَحَٰفِظِينَ ١٠ كِرَامٗا كَٰتِبِينَ ١١ يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ﴾[الانفِطار: 10-12].
****
من جملة الكبائر ما يصدر عن الإنسان من الكلام
الذي يتساهل فيه كثير من الناسِ، ويظنون أنه قد قيل وانتهى، وليس الأمر كذلك،
لأنَّ هذا الكلام إمّا أن يكون لك، وذلك إن كان كلامًا طيِّبًا نافعًا كأمرٍ
بمعروفٍ ونهىٍ عن منكرٍ، أو إصلاحٍ بين الناس، وإمّا أن يكون عليك، كشَتْم الناس،
أو مشي بنَميمة، أو فساد في الأرض، فليس الكلام والسكوتُ سواءً، لأنَّ كلَّ ما
يلفظه العبد يُسجِّله المَلَكانِ، إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشَرٌّ.
واللهُ عز وجل خلق
الإنسان وامتنَّ عليه بأنْ جعل له اللسان وعلَّمه البيانَ، قال سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ
عَيۡنَيۡنِ ٨ وَلِسَانٗا وَشَفَتَيۡنِ﴾ [البَلَد: 8-9]، فالله خلق للإنسان هذا
اللسان، وليس له نظير في جسمه، فلو جُنيَ عليه وقُطع، وجبت له دِيَّة كاملة، وما
ذلك إلاَّ لأهميته، إذ من خلال اللسان يحصل للإنسان النطق بالحروف فبواسطته تخرج
معظم الحروف، فهو من نعم الله على العبد، لأنه من خلاله ينطق ويتكلَّم ويبيِّن ما
يريد، هذا خلاف العجماوات من الكائنات التي لا تستطيع ذلك.
ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ ١ عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ ٢ خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ ٣ عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ﴾ [الرَّحمن: 1-4]، فالمقصود معرفة أن نعمة النطق باللسان نعمة عظيمة، وأنه يفوت العبدَ بفواتها الخير الكثير، ولذلك فإنه لو وقع على
الصفحة 1 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد