×
شرح كتاب الكبائر

 العبد كما سلف وذكرنا جناية فقطع لسانه بها فإنه يحرم نعمة الكلام، فصار لا يستطيع النُّطق، لوجبت له دِية تُسمَّى دية الأعضاء، ولو جنى عليه فصار لا يستطيع الكلام مع بقاء اللسان لوجبت له دية كاملة كدية الأعضاء، إذ لو قطع لسانه بالاعتداء عليه مثلاً لوجبت له الدية الكاملة، وهي دِية الأعضاء.

واللسان سلاح ذو حدَّين، إن استعمله العبد فيما ينفعه صار نعمةً، وإن استعمله فيما يضره وفيما يُبغض الله صار نقمةً، وفي كلا الحالين سيحاسب العبد يوم القيامة، فإمَّا أن يُثاب وإما أن يعذب، وسيجد كل ما قال قد سُجِّل له أو عليه، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَيَقُولُونَ يَٰوَيۡلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَىٰهَاۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا  [الكهف: 49]، وقال: ﴿مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ [ق: 18]، فالرَّقيب مَلَك يَرقُب قوله ويكتبه، والعتيد: ملك آخر حاضر معه دائمًا لا يغيب.

أما قوله تعالى:﴿وَإِنَّ عَلَيۡكُمۡ لَحَٰفِظِينَ ١٠ كِرَامٗا كَٰتِبِينَ ١١ يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ[الانفِطار: 10-12] فإنَّ هذه الآيات جاء فيها مؤكِّدان، أولهما: إنَّ وهي نون التوكيد الثقيلة، وهي موطئة للقَسَم، والتقدير: والله إنَّ عليكم لحافظين، فهو توكيد بقَسَم مقدَّر، وثانيهما: «اللام »التي في قوله: ﴿لَحَٰفِظِينَ، وهي لام الابتداء، وهي لمزيد التوكيد بأن الملائكة وهم الحفظة يسجِّلون علينا أعمالنا وأقوالنا، حيث جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليل وملائكةٌ بالنهار، ويجتمعون في


الشرح