×
شرح كتاب الكبائر

باب ذكر العقوق

وقول الله تعالى: ﴿أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ [لقمَان: 14].

****

من الكبائر بعد الشرك عقوق الوالدين، والعقوق من العَقّ: وهو القطع، فإذا قاطع المرء والديه فقد عقَّهما، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، وذلك لأنَّ الله ذكر حق عبوديته، ثم أتبعَها بذكر حق الوالدين فقال تعالى: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا﴾  [النِّسَاء: 36] وكقوله: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ[الإسرَاء: 23]، فالله ذكر حقه: وهو عبادته وحده لا شريك له، ثم ذكر حق الوالدين، فمن عقَّ والديه فقد أتى كبيرة من الكبائر.

وقوله: ﴿أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ[لقمَان: 14]، وقال الله عز وجل: ﴿حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَيۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ[لقمَان: 14]، فالله تعالى أمر بشكره على نعمه التي لا تُعد ولا تُحصى، فهو المتفضل بها على عباده، ثم أمر بشكر الوالدين لأنهما أعظم الناس إحسانًا على الولد بعد الله سبحانه وتعالى، فحقهم يأتي بعد حق الله تعالى، وعقوقهما كبيرة تأتي بعد الشرك بالله من حيث عظم الذنب، قال سبحانه: ﴿وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا والإحسان يكون بالقول والفعل، ثم ذكر العلة بعد ذلك، فقال: ﴿حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ [لقمَان: 14]، لا شكَّ أن حمل الجنين فيه مشقة وآلام ومقاساة تحصل للحامل، فينعكس ذلك على نشاطها وحياتها، ثم لا تنسَ آلام الوضع


الشرح