×
شرح كتاب الكبائر

باب القِحَة ([1])

وقول الله تعالى: ﴿يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ [النِّسَاء: 108].

وفي البخاري ([2])عن أبي مسعود عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ ممَّا أَدْرَكَ النَّاسَ مِنْ كَلامِ النبوَّةِ الأُولى: إذا لم تَسْتَحِ فاصنَعْ ما شِئْت».

****

قوله: «القِحة»: هنا تعني: قلة الحياء، أما القُح في الأصل: فهو الشيء الخالص، يقال: هذا قُح؛ يعني: خالص، يقولون: هذا عربيٌّ قُحٌّ، أي: عربي خالص في نَسَبه، أما المراد هنا بقوله: «القِحَة» فالأصل وقَح، وهي كلمة تدل على صلابة في الشيء، فالحافر الصلب وَقَاح، شبه به الرجل القليل الحياء، فقيل: وقح بيِّن القِحة والوقاحة، أي: قلَّ حياؤه واجترأ على اقتراف القبائح ولم يعبأ بها.

وهذه الآية نزلت في المنافقين حيث قال الله في شأنهم: ﴿يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ [النِّسَاء: 108] يستخفون بقبائحهم عن الناس، فهم يسترونها عنهم، لئلا يعرفهم الناس، ويتجنبوهم من باب الخداع، وفي المقابل هم لا يستخفون من الله تعالى، وإنما


الشرح

([1])جاء في طبعة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية التي حققها الأستاذ باسم بن فيصل الجوابرة، ما نصه: ورد هذا اللفظ في المخطوطات الثلاث هكذا القحة، وورد في النسخ المطبوعة بلفظ الخفية، والقَح: الجافي من الناس كأنه خالص فيه.

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3484).