الذنوب، وهؤلاء
ذمّهم الله، ثم قال تعالى: ﴿بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ﴾ فالله تعالى يعلم
الأتقياء الطيبين ولو لم يمدحوا أنفسهم، أما إذا مدحوا أنفسهم وزكّوها، يريدون
بذلك الرِّفعة فهذا لا يجوز؛ لأنَّ هذا بيد الله سبحانه، فإنَّ الله يزكي من يشاء.
بأن يوفقه للأعمال الصالحة.
أما حديث مسلم عن
المقداد، وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: « فاحثوا في وجوههم التراب »، ذكرنا فيما مضى أن المدح في الوجه فيه محاذير،
فهو إما أن يُدخل في قلب المَمْدُوح العُجب فيتكبر، أو أنه قد يُخْجِل المَمْدوح،
أو لا يكون المديح في مكانه فيكون كذبًا، وفي هذا الحديث أمر النبي صلى الله عليه
وسلم أن يُحثى في وجوه المَدَّاحين التراب، والمقصود بذلك الذين صِناعتُهم الثناء
على الناس، ومعنى « فاحثوا في وجوههم التراب » أي: ازجروهم لكي يرتدعوا عن المدح، لأنه سَبَبٌ
في الغرور والتكبر، أو إنَّ المقصود أن يُخَيَّب المَادِحُ ولا يُعطي ما قصد، أو
معناه: أعطوه قليلاً، وخَصَّ: التراب، لِقلَّة قيمته وخِسته، فكأنه أخذ أُجرة
مَدْحه ترابًا، وهذا الحديث فيه التحذير من المدح في الوجه.
وفي حديث معاوية صلى
الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم عن المدح: « فإنه الذَّبح »ذلك لما يؤثر في دين المادِحِ والمَمْدوحِ، وسماه
ذبحًا لأنه يُميت القلب فيخرج من دينه، ولأنَّ فيه كذلك ذبحًا للمَمْدُوح، فإنه
يَغُرُّه بأحواله ويُغْريه بالعُجب، وسمي هذا المدح بالذبح لأنه يُفتِّر عن العمل،
ويورث العجب، نسأل الله العافية.
*****
الصفحة 2 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد