حديثه غير الذي
حدَّثه به، وهذا دال عن أنه لا يريد أن يطلع عليه أحد من الناس، فالواجب على من
أفضى إليه به أن يحفظه؛ لأن التفاته تحفظ من أن يسمعه أحد، لأنه ائتمنه عليه، فلا
ينبغي له أن يفشيه، لأن هذا هو الخيانة للأمانة.
وفي حديث أبي
الدرداء قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمِعَ مِنْ رَجلٍ حَدِيثًا لا يُحِبُّ
أن يُذكَرَ عَنهُ، فهو أمانةٌ، وإن لَمْ يَسْتَكْتِمْه» أي: وإن لم يطلب منه
كتمانه، فإذا أَفضى إليك أحدٌ بأمرٍ من الأمور السرية دون أن يُظهره لغيرك، كانت
هذه أمانة عندك وعليك أن تحفظها فلا تفشي سرَّه ولو لم يقل: اكتمه، فلا ينبغي أن
يُتساهل في هذا الأمر، لأنه من باب حفظ الأمانات، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ هُمۡ
لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ﴾[المؤمنون: 8]، هذا جاء في سياق ذكر صفات
المؤمنين، فحفظ الأمانات من الصفات الكريمة التي ينبغي أن يتخلق بها المؤمن،
والأمانات ليست قاصرة على الأموال التي تودع عند الشخص كما يفهم ذلك بعض الناس من
أنها الوديعة التي تودع عند شخص، بل هذا نوع منها وإلاّ فهي كثيرة، منها: ما بينك
وبين الله من عبادته وأداء فرائضه، واجتناب محارمه، وكذلك من الأمانات ما يكون بين
الناس من الأسرار التي لا يحبون أن تنتشر، وإنما يحدثون بها بعض الناس الذين يثقون
بهم، فإذا وثق بك أخوك وأفشى إليك سرًا من أسراره، فإن عليك أن لا تنشره بين
الناس، لأنَّ هذا من خيانة الأمانة، ومن الأمانات أيضًا أنه إذا ولاّك ولي الأمر
عملاً ما من الأعمال الوظيفيّة فعليك أن تقوم بعملك على الوجه المطلوب، ولا تبخس
منه شيئًا، لأنه أمانة كذلك.
*****
الصفحة 2 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد