لأحد، ولا يأخذ
الشافع في مقابلها شيئًا، فإنَّ فيها أجرًا عظيمًا وهي شفاعة حسنة ويحتسب الأجر
فيها عند الله.
أما حديث أبي أمامة:
«مَن شَفَعَ لأَخِيهِ شَفَاعَةً» يعني: شفاعة حسنة «فأهدى له» أي:
المشفوع له «هدية» لأنَّ الأصل أن لا يأخذ شيئًا، لأنه يريد الأجر الأخرويّ
فلا يبطله بأخذ الأجرة الدنيوية، لأنَّ هذا يعطل الشفاعة بين الناس، فإن أخذ هذه
الهدية يكون قد وقع في الرِّبا، لأن الرِّبا هو الزيادة التي تؤخذ من غير مقابل،
ويكون في المعاملات وغيرها، وهو أخذ بغير حق، هذا من ناحية، والأمر الآخر أن
الشفاعة عمل خير، فالأصل أن تكون خالصة لله عز وجل لا يقصد بها طمع الدنيا، فكيف
يأخذ عليه أجرًا.
وما روي عن إبراهيم
الحربي عن عبد الله بن مسعود: «السُّحت أن يطلب الرجل الحاجة فتقضى له فيهدى
إليه فيقبلها» فسمَّى الهدية على الشفاعة سُحْتًا، يعني: محرمًا شديد التحريم،
فالشفاعة الحسنة تكون في تحصيل مطلوبٍ مباح، أو بدفع ضرر، فلا تقبل هدية في مقابل
ذلك، لأنَّ الصحابة سموا هذا سحتًا، قيل للصحابي: أليس السحت هو الرشوة في الحكم؟
فقال: ذلك كفر، ثم قرأ قول الله تعالى: ﴿وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ
ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [المَائدة: 44] وقد يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفرًا أكبر مخرجًا من
الملة، وقد يكون كفرًا أصغر بحسب اعتقاد الحاكم، كأنَّ يتعمد الحكم بغير ما أنزل
الله، فإنَّ استباحة الحكم بغير ما أنزل الله كُفرٌ أكبر، على تفصيل في المسألة في
كتب أهل العلم، وقد بيَّن ذلك ابن كثير في «تفسيره» عند ذكر هذه الآية.
*****
الصفحة 2 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد