يوَلِّي الولاة، لأنَّ كل شيء بقضاء الله
وقَدَرِهِ، فإن الولاة قد ولاَّهم الله قَدرًا وشرعًا، سواء الرعيَّة
اختارته، أو هو استولى عليها، فإنما هذا بقدر الله، والله عز وجل شرع تولية
الرُّعاة حتى لا تكون الأمور فوضى، فلابدَّ من أن يقوم الوالي بما عليه من المهام،
والرواية الثانية تبين الرواية الأولى وتوضحها، فقد قال فيها صلى الله عليه وسلم: «ولَم
يُحِطْها بِنصيحَتِهِ» وقد ذكرنا أن الغش ضد النُّصْح، فالواجب على
الوالي أن يسوسَ رعيته بما يُصلحها ويدفع عنها الضرر، وأن لا يسمح بأي خلل
يَدْخل عليها فمعنى قوله: «راعٍ» أي: أنه مُستحفَظ على هذه
الرعيَّة، فقد فوض إليه رعايتها كما يُفوَّض الراعي لرعاية الغنم، فإنه لو
تركها ولم يهتم بها لأكلتها السباع وهلكت، فمن الغش أن يُترك الناس وما يريدون،
كما يُطالب بهذا اليوم دعاة حرية الرأي والديمقراطية القائلين: إنَّ للمرء أن يقول
ما يشاء، ومَنْعُه من ذلك فيه تقييد للحرية، فهذا الكلام باطل، لأنه يجب على ولي
الأمر الأخذ على أيدي هؤلاء، ولا يفتح لهم المجال لنشر الآراء الفاسدة، والأفكار
الدخيلة، وإنما يرجع في ذلك إلى أهل العلم حتى يبيِّنوا للناس ما أمرهم الله
ببيانه.
*****
الصفحة 2 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد