×
شرح كتاب الكبائر

وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث علي: «لَعَنَ اللهُ مَن ذَبَحَ لِغَيْرِ الله» هذا الحديث فيه أنه حدثه النبي بأربع كلمات يعني: أربع جمل؛ الأولى: «الذبح لغير الله»، فبدأ به لأنه شرك وهو أعظم الذنوب، كأن يذبح تقرُّبًا لغير الله، فيذبح للجِنِّ أو للصنم، أو للشياطين كي يأمن إيذاءهم، والذبح عبادة لا تجوز إلا لله، قال الله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ[الكَوثَر: 2]، كما أن الصلاة لا تكون إلا لله وكذلك الذبح، قال تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٦٢ لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ﴾الأنعَام: 162-163]، فقرن تعالى النسك مع الصلاة، والنسك هو الذبح، فدل على أنه عبادة عظيمة لا تجوز لغير الله، فمن ذبح لغير الله فقد أشرك الشرك الأكبر المخرج من الدين، وهو ملعون، أي: مطرودٌ من رحمة الله، فدلَّ على أنَّ الذبح لغير الله من أكبر الكبائر.

والثانية: لعن الوالدين؛ فلعن الوالدين كبيرة، لأنَّ الله لعن من يلعنهما، لأنَّ هذا ينافي ما أمر الله به من الإحسان إليهما وبرهما بالقول والفعل، قال تعالى: ﴿فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلٗا كَرِيمٗا[الإسرَاء: 23]، فإذا خالف هذه الأوامر ودعا عليهما باللعنة، فإنَّ الله يلعنه، يعني: يطرده من رحمته، وقد لا يلعن الرجل والديه مباشرة، ولكن يَلْعن أبا الرجل فيلعن أباه أو أمه، فقد تسبب بلعنهما، فإنَّ الله يلعنه.


الشرح