ولقد حثَّ اللهُ على
التوبةِ والاستغفارِ، وهما ممّا يُمحى به الذنوب، وإن كانت كبيرةً، أو كانت كفرًا،
أو شركًا، ومن تاب وأصلح العمل فإن الله يتوب عليه، وباب التوبة مفتوحٌ في الليل
والنهار، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغرغر»([1]) وهو كذلك مفتوح إلى
أن تطلع الشمس من مغربها، فحينئذ لا يُقبل من أحد توبةٌ، قال تعالى: ﴿يَوۡمَ يَأۡتِي بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفۡسًا
إِيمَٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِيٓ إِيمَٰنِهَا﴾ [الأنعَام: 158] ([2]).
فالذنوب تنقسم إلى: كبائر وصغائر.
وضابط الكبيرة: أن كل ذنب ختَمه
الله بنار، أو لعنة، أو غضب، أو عذاب، فهو كبيرة، كما ذكره الشيخ عن ابن عباس رضي
الله عنهما، وهو الذي اختاره المحققون من أهل العلم كابن تيميَّة وغيره.
وقد أُلِّف في
الكبائر مؤلَّفات، منها هذا الذي بين أيدينا وكتاب «الكبائر» للذهبي، ومنها «الزواجر
عن اقتراف الكبائر» لابن حجر الهيتمي.
وهذه الكبائر -كما ذكرنا- إن كانت شركًا بالله أو كفرًا به، فإنها لا تُغفر إلا بالتوبة، ومن مات ولم يتب منها، فإنه خالدٌ مخلدٌ في النار قال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النِّسَاء: 48]، وقال سبحانه: ﴿إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ﴾ [المَائدة: 72]، أمّا إن كانت هذه الكبائر دونَ الشرك، فعند أهل السنة والجماعة: أنها تُفَسِّق وتنقص الإيمان ولا تُكفِّر، فيُحكم على صاحبها أنه فاسق وأنه ناقص الإيمان،
([1])أخرجه: الترمذي رقم (3537)، وابن ماجه رقم (4253)، وأحمد رقم (6160).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد