لكن لا يُكفَّر بها، بدليل أنَّ الله تعالى قال: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ
ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النِّسَاء: 48]، ولهذا رتَّب اللهُ تعالى على بعض هذه الذنوب مثل:
السرقة، والزنى، وشرب الخمر، والقتل العمد، والعدوان وقطع الطريق، رتب عليها الحدود،
ولو كان مرتكبوها كفارًا لما أقيمت عليهم الحدود ولَقُتِلوا مرتدين، فإقامةُ الحد
عليها دليلٌ على أنها ليست كفرًا، وإنما هي كبائر ومعاصٍ تقام بحقها الحدود
المرتبة عليها، وهذه الحدود إما زواجر وإما مكفرات، فيقام على مرتكبها الحد في
الدنيا، ولا يقام عليه مرة أخرى في الآخرة.
أما الخوارج
فيَحكمون على مرتكب الكبيرة بالكفر والخلود في النار، ولا يفرِّقون بين كبيرة
الشرك والكفر، وبين كبيرة المعاصي، وإنما يقولون: إنَّ الكبائر كلها تُكفِّر
صاحبها، وتخرجه من الملَّة، والعياذ بالله. وأنَّ أصحابها مخلدون في النار عندهم،
فهؤلاء قد أخذوا بآيات الوعيد وتركوا آيات المغفرة والوعد، فأخذوا بجانب من الأدلة
وتركوا جانبًا لعدم فقههم، وعدم معرفتهم بالكتاب والسُّنة، واعتمادهم على فهمهم
دون الرجوع إلى أهل العلم، وهذا من نتيجة الانعزال عن أهل العلم، فإنه تورِث مثل
هذا الضلال.
وهم على قسمين: فأمّا المعتزلة
فيقولون: إنَّ مرتكبَ الكبيرة يخرُج من الإيمان، ولكنه لا يَدْخل في الكفر، بل
إنه في منزلة بين المنزلتين، فهو ليس بمؤمن ولا كافر، فإن مات ولم يتب فهو خالد
مخلد في النار، وأما الخوارج فيقولون: إنَّ مرتكب الكبيرة خارج من الإيمان داخل في
الكفر. والمعتزلة قد اجتمعوا مع الخوارج في جزائه في الآخرة، وخالفوهم في حكمه في
الدنيا، فابتدعوا المنزلة بين المنزلتين.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد