×
شرح كتاب الكبائر

روى ابن جرير ([1]) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الكبائرُ كلُّ ذَنْبٍ خَتَمَه اللهُ بنارٍ أوْ لَعْنَةٍ أو غَضبٍ أو عَذَابٍ.

****

وقوله تعالى: ﴿إِلَّا ٱللَّمَمَۚ أي: الصغائر، ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَٰسِعُ ٱلۡمَغۡفِرَةِۚ [النّجْم: 32] أي: إنَّ الصغائر تكفَّر بمكفِّرات كثيرة، منها:

اجتناب الكبائر، كما في هذه الآية.

ومنها: الصلوات الخمس.

ومنها: المصائب التي تنزل بالإنسان من الأمراض والأسقام والهموم، وموت الأقارب، حتى الشوكة يُشاكها المسلم كما ورد في الحديث([2])، فكل هذه من مكفِّرات الصغائر، وهذا من فضل الله.

وكذا قوله تعالى في الآية الأخرى من سورة الشورى: ﴿وَٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمۡ يَغۡفِرُونَ [الشّورى: 37]، هي دليل آخر على أنَّ الآثام تنقسم إلى كبائر وصغائر.

الكبائر: هي المعاصي، أي: ما نهى الله عنه.

فالأصل فيما نهى الله عنه أنه معصية ومحرم، لكن إن رُتب عليه وعيدٌ في الآخرة، أو حدٌّ في الدنيا فإنه كبيرة، وإن لم يرتَّب عليه عقوبة ولا وعيد، فإنه معصية صغيرة يدخل في باب اللَّمم.

فقوله: ختمه الله أي: ختم ذكره بأن توعد الله عليه بالنار، أو لعن من فعله، أو لعنه الرسول، فهو كبيرة.

وقوله: «أو غضب» أي: إذا توعد الله مرتكب هذا الذنب بالغضب، فهو كبيرة أيضًا.


الشرح

([1])انظر: الطبري في «تفسيره» (5/41).

([2])أخرجه: البخاري رقم (5640)، ومسلم رقم (2572).