×
شرح كتاب الكبائر

وللترمذي ([1]) فيه أن معاوية رضي الله عنه لمَّا سمعَه بكى وتلا قوله: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا [هُود: 15].

****

وأمّا الصنف الثالث الوارد ذكرهم في هذا الحديث: فهم المتصدِّقون، ولا شكَّ بأن الصَّدقة لها ثواب عظيم، والله جل وعلا أثنى على المتصدِّقين ووعدهم بجزيل الثواب إذا صدقت نيَّاتهم، بخلاف ما إذا كانت نيَّتُهم طلب المدح ليقال: هو كريم ومحسن، أو هو مواطن صالح ونحو ذلك من الصفات التي يُحبُّ سماعها، فمثل هؤلاء ليس لهم إلاّ ما سمعوه في الدنيا من صور الثناء والمدح في حياتهم الدُّنيا، وأمَّا في الآخرة فليس لهم ثواب عند الله عز وجل.

هذا معاوية رضي الله عنه الصحابي الجليل لمَّا سمع هذا الحديث بكى، لأن هذا حديث مُخيفٌ، فإذا كان هؤلاء الثلاثة الوارد ذكرهم في الحديث الذين أعمالهم من أجَلِّ الأعمال يصيرون إلى النار يوم القيامة بسبب نيّاتهم التي ليست لله عز وجل، فمن أجل ذلك بكى معاوية رضي الله عنه ثم تلا هذه الآية مصداقًا لما جاء فيه وهو قوله تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا وَهُمۡ فِيهَا لَا يُبۡخَسُونَ ١٥ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [هُود: 15-16]، والحديث مطابق للآية تمامًا ومثال لما جاء فيها، وهذا الذي جعل معاوية رضي الله عنه يتلو هذه الآية.

*****


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (2382).