هو جريء، أي: موصوف
بالشجاعة، ففي هذا أن الصفات الواردة في فضل الجهاد إنما هي لمن أراد وَجْهَ الله
تعالى بذلك مخلصًا له.
وأما الصِّنف الثاني
من الأصناف الثلاثة الوارد ذكرهم في هذا الحديث، فهو في العلماء وطلبة العلم، وهم
على صنفين: فالصنف الأول جاء فيهم قوله صلى الله عليه وسلم: « مَن سَلَكَ طَريقًا
يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا سَهَّلَ الله به طريقًا إلى الجنَّة » ([1])، فإذا كان قصد طالب
العلم وَجْهَ الله تعالى، فإنه يحصل على الأجر الموصل إلى الجنة.
وأمّا الصنف الثاني فهم طلبة العلم الذين يطلبون العلمَ لنَيْل الشهادات وتحصيل المال، ونَيْل الشُّهرة والمنزلة الرَّفيعة عند الناس، فمثل هؤلاء مصيرهم إلى النار، سواء كان قصدهم طمع الدُّنيا أو الرِّياء، لأنه جاء في الحديث الصحيح: « ومَن طلب العلمَ لِيُجارِيَ بهِ العُلَماءَ، أوْ ليُماريَ بهِ السُّفَهاء، أوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إلَيْهِ، أدْخَلَهُ الله النَّارَ » ([2])، فمن تعلَّم العلم لأجل أن يُمدح أو ليحصل على الوظيفة، فهذا إمّا أنه يريد الدُّنيا أو الرِّياء، ويدخل في هذا أيضًا الذين يعلِّمون العلم ويوصلونه للناس، فإن كان مرادهم ابتغاء وجه الله ولأجل تبليغ الحجّة ونفع الناس، فهم من خير الناس، وأما إن كان مرادهم الرياء وطلب الثناء والمدح، فهؤلاء من الذين يَقُودهم علمهم إلى النار وإن كان متعلِّمًا أو معلِّمًا، لأن الأعمال بنيات أصحابها لا بصورها الظاهرة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد