×
شرح كتاب الكبائر

ولمسلم ([1]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «إنَّ أوَّلَ الناسِ يُقضى عليه يوم القيامة ثلاثةٌ: رجلٌ استُشهد في سبيلِ الله، فأُتِيَ بهِ، فعَرَّفَه نِعْمتَه، فعَرفَها، قال: فما عَمِلْتَ فيها؟ قال: قاتلتُ في سبيلِكَ حتى قُتلتُ، قال: كَذَبْتَ، ولكنك قاتلْتَ ليُقال: هو جريءٌ، فقد قيلَ، ثم أُمِرَ به فسُحِبَ على وَجهِه حتى أُلقيَ في النار، ورجلٌ تعلَّم العِلمَ وعلَّمه، وقرأ القرآنَ، فأُتِيَ به، فعرَّفه نِعمَه، فعَرَفَها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: تعلَّمت العلمَ وعلَّمته، وقرأتُ فيك القرآنَ، قال: كذبتَ ولكنَّكَ تعلَّمت ليُقال: هو عالـِم، وقرأتَ ليُقال: هو قارِئٌ، فقد قيلَ، ثم أُمِرَ به فسُحِبَ على وجهه حتى أُلقِيَ في النار. ورجلٌ وسَّع الله عليه فأعطاه من أصناف المال، فأُتِيَ به، فعرَّفه نِعمَه، فعَرَفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تُحبُّ أن يُنفقَ فيه إلا أنفقتُ فيه لك، قال الله: كذبتَ، ولكنك فعلت ليُقال: هو جوادٌ، فقد قيل، ثم أُمِرَ به فسُحِبَ على وجهه حتى أُلقِيَ في النار».

****

في هذا الحديث دليلٌ على تغليظ تحريمِ الرِّياء وشدة عقوبَتِه، وعلى الحثِّ على وجوب الإخلاص في الأعمال.

فهذا الذي قاتل في المعركة مع المسلمين، كانت صورة عمله أنه من أجلِّ الأعمال، وهي القتال في سبيل الله وإعلاء كلمته، وقد استُشهد في ذلك والشهادة في سبيل الله لها شأن عظيم عند الله لكن لما كانت نيَّته ليست لله فقد حَبِط عملُه، ويوم القيامة يُسحب إلى النار، لأنه كان كاذبًا؛ لأنه لم يقاتل لأجل أن تكون كلمة الله هي العليا، وإنما قاتل ليقال:


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1905).