من كل هذه الأعمال التي هذا هو حال صاحبها، لأن
الأعمال بالنيات، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: « وإنما لكلِّ امرئٍ ما نَوَى » ولم يقل: ما عَمِلَ، فلا يُقبل من الأعمال إلاَّ
ما كانت نيَّةُ صاحبه خالصةً لوجه الله تعالى، وقد مضى توضيح قوله تعالى: ﴿وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ
رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا﴾ [الكهف: 110].
وسبب هذا الحديث أن
رجلاً هاجر إلى المدينة والهجرة عمل صالح ولكن هذا الرجل هاجر من أجل أن يتزوَّج
امرأة يقال لها: أم قيس، فهو قد هاجر من أجل الزواج منها، ولهذا قال صلى الله عليه
وسلم: « إنَّما الأعمالُ
بالنِّيّات، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَنْ كانَتْ هِجْرَتُه إلى الله
ورَسولِهِ، فَهِجْرتُه إلى اللهِ ورَسولِهِ... » أي: يقصد بها الله ورسولَه فهي مقبولة، « ومَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ
لِدُنْيا يُصيبُها أو امْرأةٍ يَنْكِحُها، فَهِجْرَتُه » إلى ما هاجَرَ إليه فهي ليست لله عز
وجل، وإنما هي للمال أو لأجل الزواج من المرأة التي هاجر إليها.
وقوله: « فمَن كانت هِجْرتُه... إلخ »إنما هو تمثيل لما ورد في أول الحديث من قوله: « إنَّما الأعْمالُ
بالنِّيَّات »، فينبغي للمرء أن
ينتبه لهذا.
وهذا الحديث من الأحاديث العظيمة التي يدور عليها أصول الإسلام وفقهه، فهو حديث له شأن عظيم ومنزلة كبيرة عند العلماء، ولهذا فقد تناولوه بكثير من الشروح والتعليقات النافعة. ويكتبونه في مقدمة مؤلفاتهم تذكيرًا.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد