×
شرح كتاب الكبائر

ولهما ([1]) عن عُمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمالُ بالنِّيات، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نَوَى».

****

أخوفَ ما أخافُ عليكُم الشِّركُ الأصغرُ » قالوا: وما الشركُ الأصغر يـا رسول الله؟ قال: « الرياءُ، يقول الله عز وجل لهم يَومَ القِيَامَة إذا جَزَى النَّاس بأعمالهِم: اذهَبوا إلى الّذين كُنتُم تُراؤونَ في الدُّنيا، فانظُروا هَلْ تَجِدُونَ عِندَهُم جَزَاءً » ([2])، فيُفهم من هذا أن المرائي يُفضح يوم القيامة أمام الخلائق، بعد أن كان في الدنيا يتستَّر بأعماله التي لم يكن يقصد بها وجه الله تعالى، ويدخل في هذا المتصدِّق لغير وجه الله تعالى، وقارئ القرآن الذي لم يقصد بقراءته سوى ثناء الناس عليه، وغير ذلك من الأعمال التي لم يُرِد بها صاحبها وجه الله تعالى، ولهذا فإنه مَن عمل عملاً على غير إخلاص، وإنما أراد به أن يراه الناسُ ويسمعوه، جُوزيَ على ذلك بأنْ يُشهرَه الله تعالى ويفضحه ويُظهر ما كان يُبْطِنُه، ويدخل في ذلك من أراد بعمله الجاهَ والمنزلة عند الناس، فإنَّ الله يُجازيه على ذلك بأن يحصل على ما أراد من ثناء الناس عليه في الدنيا مع خسرانه لثواب الآخرة.

يؤخذ من هذا الحديث أن العِبْرة ليست بصورة العمل، وإنما العبرة بالنية والقصد، فقد تكون صورةُ العمل جيدةً وحسنةً، ولكن نيَّة صاحبِه فاسدة، ويدخل في هذا الصلاةُ والصدقةُ والحجُّ، وغيرُ ذلك من الأعمال التي ظاهرها أنها عملٌ صالحٌ مع فساد نيَّة صاحبها، فلا فائدة


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1)، ومسلم رقم (1907).

([2])أخرجه: أحمد رقم (23630).