بالنسيان فلـما أشروا وبطروا أخذهم الله بالعذاب
بغتةً، فهذا كما سبقت الإشارة إليه مِن أنَّ المسلمَ المؤمن عليه أن يكون معتدلاً
بأن يعيش بين الخوف والرجاء، فلا يخاف خوفًا يقنِّطه من رحمة الله، ولا
يرجو رجاءً يؤمِّنه من مكر الله، بل يكون وسطًا بين الخوف والرجاء، أما أهل
الضلال، فهم على عكس ذلك، فمنهم من غلّب الرجاء وأَمِنَ مكر الله، والله جل وعلا
يقول: ﴿أَفَأَمِنُواْ
مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ﴾ [الأعرَاف: 99]، أي: أنهم لم يخافوا
الله عز وجل، وظنوا أن الله سيغفر ذنوبهم، وهم لا يعلمون أن الله سيستدرجهم
من حيث لا يعلمون، فهم يرجون رحمة الله، لكنهم لا يأمنون مكره تعالى، قال تعالى:
﴿وَمَن يَقۡنَطُ مِن
رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ﴾ [الحِجر: 56]، وقال يعقوب
عليه السلام: ﴿يَٰبَنِيَّ
ٱذۡهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَاْيَۡٔسُواْ مِن
رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا يَاْيَۡٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ
ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [يُوسُف: 87] فكلما اشتد الكرب عظُم الرجاء، فهذا يعقوب عليه
السلام حينما اشتدَّ كَرْبُه وحزنه على يوسف عليه السلام حتى ابيضَّت عيناه من الحزن،
وقد فَقَدَ أبناءه الثلاثة: يوسف وبنيامين، والأكبر منهم الذي قال: ﴿فَلَنۡ أَبۡرَحَ ٱلۡأَرۡضَ
حَتَّىٰ يَأۡذَنَ لِيٓ أَبِيٓ أَوۡ يَحۡكُمَ ٱللَّهُ لِيۖ وَهُوَ خَيۡرُ
ٱلۡحَٰكِمِينَ﴾ [يُوسُف: 80] لم ييأس من روح
الله، بل قال: ﴿عَسَى
ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ﴾ [يُوسُف: 83]، وهذا شأن المؤمن
يحيا دائمًا بين الخوف والرجاء.
*****
الصفحة 4 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد