وقوله تعالى: ﴿إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ مِن
سَبِيلٖۚ﴾ [التّوبَة: 91] فقد نزلت هذه الآية عند الخروج إلى غزوة تبوك، فمن
المسلمين مَنْ حبسه العذر، وهم الضعفاء والمرضى الذين ليس عندهم نفقة، وهؤلاء لم
يتخلفوا عن نفاقٍ، بل إنَّ قلوبهم مخلصة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهم يحبون
الخروج، ولكن منعهم العُذر، ولهذا قال تعالى في شأنهم: ﴿وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوۡكَ لِتَحۡمِلَهُمۡ قُلۡتَ لَآ
أَجِدُ مَآ أَحۡمِلُكُمۡ عَلَيۡهِ تَوَلَّواْ وَّأَعۡيُنُهُمۡ تَفِيضُ مِنَ
ٱلدَّمۡعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ﴾ [التّوبَة: 92] فهم لم يتلذذوا بالجلوس خلف رسول الله صلى الله
عليه وسلم بالظل البارد، بل كانوا في ضيقٍ وكَدَرٍ وحزن ببقائهم خلفه صلى الله
عليه وسلم، فهؤلاء هم الناصحون لله ورسوله عليه الصلاة والسلام، وأمّا الذين قعدوا
لِنفاقٍ في قلوبهم، فهؤلاء ليسوا بناصحين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ولعلَّ
مراد الشيخ رحمه الله من إيراد هذه الآية بعد إيراد قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ
أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ أنَّ التخلي من
المعاصي وإنكارها ليس من إشاعة الفاحشة المنهي عنه، بل هو من النصيحة الواجبة.
*****
الصفحة 4 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد