×
شرح كتاب الكبائر

بِٱلشُّهَدَآءِ فَأُوْلَٰٓئِكَ عِندَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡكَٰذِبُونَ [النُّور: 12-13]، فالمنافقون لا يستغرب منهم هذا، لأنهم منافقون وإشاعة الفاحشة ديدنهم، ولكن بعض المؤمنين وقع في هذا وصدَّق المنافقين، وصار يتكلم بكلامهم، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله، فدخلوا في الجريمة، وأقيم عليهم حَدُّ القذف.

والحاصل أن الفحش جريمة عظيمة ينبغي التحذير منها، لأننا نرى الكثير من شبابنا اليوم قد وقع في بعض هذه المسائل، فتراهم يشيعون الكلام بين الناس في مجالسهم، وفي حديثهم عَبْر الجوّالات، فإذا سَمِعُوا قولاً سارعوا يتناقلونه فيما بينهم دون تثبت، وهذا يُشجِّع على انتشار الفاحشة، وهي في واقعها لا تخرج عن أحد أمرين: إما أن تكون كذبًا، وحينها يكون ناشرُها كذّابًا، وإما أن يكون شيء قد حصل فلا يجوز إشاعته، بل يجب ستره، والقضاء عليه لأنَّ هذا ممّا أمر الله سبحانه به، ولأن إشاعة الفاحشة وحبها هو من خُلق المنافقين.

وأما قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فهؤلاء هم المنافقون، ولا يحصل هذا إلاَّ من منافق، ولكن ربما يقع في هذا الأمر بعض المؤمنين الغافلين، لا عن نفاق، ولكن عن غَيْرَةٍ، ولكن في حقيقة الأمر إنَّ هذه ليست غَيْرةً وإنما هذا منكر، لأنه لا يجوز إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، والله قد أمر بالستر، والمؤمن قد يقع في بعض الآثام أحيانًا، فلا يجوز معالجة الخطأ بالخطأ، وإنما بالمناصحة فيما بين المسلمين دون تشهيرٍ أو تجريح.


الشرح