وقوله: ﴿وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ
إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ﴾ [هُود: 113].
****
آثر محبة الدنيا على محبةِ الله عز وجل فليس
هناك أحدٌ لا يحب هذه الأشياء الثمانية المذكورة في هذه الآية، فالكل يحبها محبة
طبيعية، فالمسلم إذا ما أحبَّ هذه الأشياء فإنَّه لا يُلام على ذلك، ولكن يُلام
إذا قدَّم محبتها على محبة ما يحبه الله ورسوله من الجهاد والهجرة، ولهذا قال الله
عز وجل ﴿فَتَرَبَّصُواْ﴾ [التّوبَة: 24] يعني: فانتظروا ماذا يحِلُّ بكم من عقابه ونَكَاله بكم،
وهذا تهديد، ولهذا قال: ﴿حَتَّىٰ
يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ﴾ أي: يأتي الله بالنصر
للمسلمين، ثم تندمون على ما حصل منكم، فهذه الآية فيمن قعد عن الهجرة والجهاد
شُحًّا بهذه الأشياء الفانية.
وأما قوله تعالى: ﴿وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ﴾ فالمراد به: أن لا
تميلوا إلى الكفار، فالرُّكون: هو المحبَّة والميل بالقلب وإن قل، وهو أيضًا نهيٌ
من الله عن مداهنة أهل الشرك، والركون: هو الميل، أي: لا تميلوا إليهم بقلوبكم
بالمحبة والموالاة والنُصرةِ والتأييد، ﴿فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ﴾ [هُود: 113] وفي هذا وعيد شديد، فإن من رَكَنَ إلى الكفار
فسوف تُصيبه النار يوم القيامة، فالأصل في المسلم أن لا يركن إلى الكفار، بل يركن
إلى المؤمنين، قال تعالى:﴿لَّا يَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ
ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيۡءٍ إِلَّآ
أَن تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةٗۗ﴾ [آل عِمرَان: 28]، وفي هذا تبرُّؤٌ
من الله تعالى ممن يتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ومعنى تقاة: مداراة،
لدفع شرهم عن المسلمين، وهذا جائزٌ عند الحاجة إليه، وخاصة إذا كان الضرر شديدًا
فإنه يدفع الضرر بارتكاب ما هو أخف منه. فإنه يجوز دفع أعظم الضررين بارتكاب ما هو
أخف منه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد