×
شرح كتاب الكبائر

وقال أبوالعالية: لا تَرْضوا بأعمالهم.

ورُويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما: لا تَميلوا إلَيْهم كُلَّ المَيْل في المحبَّةِ ولِينِ الكَلامِ والمَوَدَّة.

عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أحَبَّ» أخرجاه ([1]).

****

وأما قول أبي العالية: « لا ترضوا بأعمالهم » فمعناه: لا تركنوا، هذا وجه من وجوه تفسير هذه الآية، ومنها قول ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما والحاصل: لا تميلوا إليهم بِمَدْحِكم وثنائكم عليهم وتعظيمكُم إيّاهم، لأنَّ كل ما يؤدي إلى تعظيم الكفار فهو من الركون إليهم.

وهذه العبارات الواردة عن الصحابة داخلة في معاني الآية: لين الكلام والمحبة، وغير ذلك مما فيه تعظيم للكفار أو مُداهنتهم، وهناك فرق بين المُداهنة والمُداراة، فالمداهنة لا تجوز أبدًا، كأن تتنازل عن شيء من أمور دينك، مثل أن يقال لك: لا تُصَلِّ، فإن قبلت، كانت هذه مداهنة منك، وكنت قد حقَّقت رغباتهم، قال تعالى: ﴿وَدُّواْ لَوۡ تُدۡهِنُ فَيُدۡهِنُونَ [القَلَم: 9]، وقال ؟ ﴿أَفَبِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَنتُم مُّدۡهِنُونَ [الواقِعَة: 81]، أي: بالقرآن، وهذا إنكار لفعلهم.

أما المداراة فتجوز عند الضرورة، كما فعل عمار بن ياسر رضي الله عنه عندما عذّبوه وقالوا له: لن نُطْلِقكَ حتى تَسُبَّ محمدًا، فتلفَّظ بسبِّ الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يتخلص منهم. فلما تخلّص منهم، خاف وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يَسْتفتيه فيما حصل منه. فقال له: « كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَك؟ » قال: مطمئنًا


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6168)، ومسلم رقم (2640).