×
شرح كتاب الكبائر

 القائل في هذا الحديث: « والله لا يغفر الله لفلان. فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له وأحبطت عَمَلَك»، لأنَّ هذا الرجل يئس من رحمة الله وقنّط الناس منها، بل إنَّه أساء الأدب مع الله بقوله هذا، ماذا كان عاقبةُ قوله؟ يقول أبوهريرة: « تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته »؛ ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله، كلمة واحدة أفسدت دنياه وآخرته، فكيف بمن يطلق العنان للسانه.

فعلى المسلم أن يفطن لذلك؛ لأنَّه قد يُكثر الإنسان من الأعمال الصالحة لكنه قد يهمل لسانه، ويتركه يحصد فيها، مثل الذي يزرع ويترك الحصّاد يحصد في زرعه فلا يُبقي له شيئًا، فهذا اللسان حَصَّاد يحصد أعمالك إذا تكلمت فيما لا يرضي الله، فعليك بإمساكه وعَقْلِهِ والتأكد من ضبطه، لأنَّ استقامة اللسان من خصال الإيمان، فعن أنس رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لا يَسْتَقيمُ إيمانُ عَبْدٍ حتى يَسْتَقيمَ قَلْبُه، ولا يَسْتَقِيمُ قَلْبُه حتَّى يَسْتَقِيمَ لِسانُه » ([1]). والكلام وإن لم يكن فيه مضرة لأحد، وكان مجرَّد ثرثرة وضحك، فإنَّ فيه خسارة عليك؛ لأنه يُضيِّع عليك الوقت، أما إذا كان الكلام محرَّمًا فهذا ضَرَرُه واضح، لأنَّه يعود عليك بالإثم والعقوبة، فعليك بإمساك لسانك، لأنَّ الله يحصي عليك أقوالك وأفعالك، وحتى خَطَراتِ قلبك ونياتك.

*****


الشرح

([1])أخرجه: أحمد رقم (13048)، والبيهقي في «الشعب» رقم (8).