وقوله: « عن عائشة: إنَّ أبغضَ
الرِّجالِ إلى الله الأَلدُّ الخَصِمُ » يُفهم من هذا الحديث أن الله
سبحانه وتعالى يُوصَف بأنه يُحب ويُبغض، فهو سبحانه يحب المتَّقين والمحسنين
والمتطهرين ويُبغض الكافرين والمنافقين والفُسَّاق، فمِن الناس من يُبغضهم بُغضًا
كاملاً، وهم الكافرون والمنافقون، ومن الناس من يُبغضهم على ما فيهم من الشَّرِّ،
ويُحبُّهم على ما فيهم من الخير، وهم المؤمنون العصاة.
وليس معنى قوله: « أَبغضُ الرِّجال »أنَّ هذا خاصٌّ بالرِّجال دُون النساء، بل والنساء
كذلك فهن داخلاتٌ في هذا المعنى، ولكن ذكر الرِّجال من باب التغليب، فأشدُّهم
بُغضًا عند الله«الأَلَدُّ الخَصِمُ »؛ أي: الذي عنده لَدَد في
الخُصومة؛ أي: شدَّة فيها، فهو كلّما احتُجَّ عليه بحُجَّة أخذ في جانبٍ آخر،
الخَصِم هو الحاذق بالخُصومة؛ والمذموم منها الخصومة بالباطل، سواء في دَفْع حقٍّ،
أو إثباتِ باطلٍ.
وقد قال سبحانه في حقِّ الكافرين: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلَۢاۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ خَصِمُونَ﴾ [الزّخرُف: 58]، فهذه هي صفة الكافرين الكثرة في الجدال، ولذلك لَمَّا نزل قول الله عز وجل: ﴿إِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمۡ لَهَا وَٰرِدُونَ﴾ [الأنبيَاء: 98]، فرح المشركون بها فقالوا: أليست النصارى يعبدون المسيح، واليهود يعبدون عُزيرًا، وقوم يعبدون الملائكة، فأنزل الله سبحانه: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتۡ لَهُم مِّنَّا ٱلۡحُسۡنَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ عَنۡهَا مُبۡعَدُونَ﴾ [الأنبيَاء: 101] ([1])، فمن رضيَ أن يعبد من دون
([1])ينظر: تفسير ابن جرير الطبري (17/96).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد