لنا في الملَّة، فلا
يجوز للمسلمين إذا ارتبطوا بعهد مع الكفار أن ينقضوا العهد ابتداءً، إلا إذا هم
بدؤوا بالنقض، وإذا خِيْفَ منهم خيانة فلا يجوز نقض العهد إلاّ بعد إعلامهم بذلك،
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِمَّا
تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ
ٱلۡخَآئِنِينَ﴾ [الأنفَال: 58]، فانظر إلى عظمة هذا
الدين في حفظ العهود حتى مع أعداء الله، فالذي لا يفي بالعهد فيه خصلة من خصال
النفاق حتى يَدَعَها.
وقوله صلى الله عليه
وسلم: « إذا خاصم فجر » أي: مال عن الحق وقال الباطل والكذب، كأن يُخاصم
عند القاضي فيفجر، والفجور في الخصومة على نوعين: أحدهما: أن يدَّعي ما ليس له،
والثاني: أن ينكر ما يجب عليه. فتجده يأتي ببيِّناتِ زُورٍ، ويحلف أيمانًا مغلَّظة
كذبًا من أجل أن يكسب القضية، قال صلى الله عليه وسلم: « مَنْ حَلَفَ على يمينٍ هو
فيها فاجرٌ ليقتطع بها مالَ امرىءٍ مسلمٍ لَقِيَ الله وهو عليه غضبانُ » ([1]). فالفجور في الخصومة
حرام، كثيرًا كان أو قليلاً، والأصل في المؤمن أن يصدق في قوله، سواء كان الحق له
أو عليه، فلو أخذ حقَّ أخيه في الدنيا فإنَّه سيؤدِّيه يوم القيامة، يوم لا ينفع
مال ولا بنون، وستكون هناك الاقتصاص من الحسنات لا الدراهم والدنانير.
والقاضي حينما يقضي فإنَّه لا يحلُّ حرامًا ولا يُحرِّمُ حلالاً، وإنما يقضي بنحو ما يسمع، وبما توفر له من الأدلة والقرائن والشهادات، فلو أنَّ القاضي قضى لك بحقِّ أخيك وأنت تعلم، فإنَّ قضاءه لا يُحِلُّ لك
([1])أخرجه: البخاري رقم (2666)، ومسلم رقم (138).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد