الثاني: النِّفاق
الأصغر، وهو العملي: وهو أن يُظهر الإنسان علانية صالحة ويُبطن ما يخالف ذلك،
كالإتيان بالأمور التي ذكرها صلى الله عليه وسلم في الحديث، وهذا لا يخرج من
الملَّة ولكنه يُنقِص الإيمان.
وقوله: « إذا اؤتُمنَ خان » هذه الخصلة من خصال النفاق العملي: وهي أن يخون
المرء الأمانة، والأمانة مفهومها واسع، فليست الأمانة في الأموال فحسب، فالمحافظة
على العبادات أمانة، والصِّدق في الحديث أمانة، بل ويدخل في ذلك الغُسل من
الجنابة، وكذلك العمل الوظيفي أمانة، فإذا لم يقم الموظف بعمله كما ينبغي وضيَّع
الوقت، وعطَّل أعمال الناس فقد خان الأمانة، قال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ
وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [الأنفَال: 27]، وقد قال صلى الله عليه وسلم: « أدِّ الأمانةَ إلى مَنِ
ائْتَمَنك ولا تَخُن مَنْ خَانَك » ([1]). فهذه علامات
النفاق، فمن كان فيه شيء منها كان فيها خصلة من النفاق حتى يَدَعَها.
وقوله صلى الله عليه وسلم: « أربعٌ مَنْ كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كان فيه خصلة منهنَّ كان فيه خصلة من النفاق حتى يَدَعَها: إذا اؤتُمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فَجَر » هذا كالحديث الذي مرَّ سابقًا، ومعنى قوله كان منافقًا خالصًا يعني: النفاق العملي لا الاعتقادي، فلقد عرفنا أنَّ من خصال النفاق خيانة الأمانة، والكذب، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: « إذا عاهد غدر » المقصود نَقَضَ العهد، كالعهد مع وليِّ الأمر، فإذا ما بايعه فلا يجوز له أن ينقض البيعة، أو عاهد أحدًا من الناس، أو حتى مع المخالفين
([1])أخرجه: أبوداود رقم (3535)، والترمذي رقم (1264).، وأحمد رقم (15424).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد