إلاّ أنَّ موسى قال لهم: ﴿أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ﴾، فالاستهزاء بالناس من صفات الجاهلين وليس من صفات الأنبياء، ولا المؤمنين، ثم إنهم شدّدوا على أنفسهم فطلبوا صفة البقرة، ولو أنهم عَمَدوا إلى أيّ بقرة فذبحوها لأجزأهم ذلك، ولكنَّهم شدَّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم، وقالوا: ﴿قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا فَارِضٞ وَلَا بِكۡرٌ﴾ [البَقَرَة: 68] أي: لا كبيرة ولا صغيرة ﴿عَوَانُۢ بَيۡنَ ذَٰلِكَۖ فَٱفۡعَلُواْ مَا تُؤۡمَرُونَ﴾ [البَقَرَة: 68] هذا فعلُ أمر، حيث أمرهم أن ينصاعوا لما طلبه الله منهم ويَدَعُوا التنطعات، ولكنهم قالوا: ﴿ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوۡنُهَاۚ﴾ [البَقَرَة: 69] وهذا أشد من الأول، لما فُصّل لهم النوع، انتقلوا إلى ما هو أشد وهو اللون، فضيقوا فرص إيجاد البقرة بهذه المواصفات عندما سألوا عن اللون، فقال لهم كما قصَّ الله علينا: ﴿إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ صَفۡرَآءُ فَاقِعٞ لَّوۡنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّٰظِرِينَ﴾ [البَقَرَة: 69] وهذا تشديد آخر عليهم، ولم يعثروا عليها بهذا الوصف، فقالوا: ﴿ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلۡبَقَرَ تَشَٰبَهَ عَلَيۡنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهۡتَدُونَ﴾ [البَقَرَة: 70] قال المفسرون: لو لم يقولوا: « إن شاء الله » لما توصلوا إلى شيء، ولما اهتدوا إليها أبدًا، ولكن قالوا: « إن شاء الله »، مما سهّل الأمر عليهم، قال لهم موسى كما ذكر الله تعالى: ﴿إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا ذَلُولٞ تُثِيرُ ٱلۡأَرۡضَ وَلَا تَسۡقِي ٱلۡحَرۡثَ مُسَلَّمَةٞ لَّا شِيَةَ فِيهَاۚ﴾ [البَقَرَة: 71] أي: لا عيب فيها، وليس فيها لونٌ آخر ﴿قَالُواْ ٱلۡـَٰٔنَ جِئۡتَ بِٱلۡحَقِّۚ﴾ [البَقَرَة: 71] وهذا من تهكمات بني إسرائيل، يعني: أن موسى
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد