×
شرح كتاب الكبائر

وكذلك لا يجوز للمسلم أن يمدح أخاه في وجهه بما فيه من الخصال الطيبة، والصفات الحميدة، ومكارم الأخلاق لئلا يخجله أو يدخل العجب على نفسه فيتكبر، أما مدح أهل الكرم والجود بما فيهم من الخصال الطيبة فلا بأس به، لأن هذا من الاعتراف بفضلهم من غير تملّق، فقد كان الشعراء يمدحون النبي صلى الله عليه وسلم بشعرهم وقصائدهم، وقد أقَرَّهم صلى الله عليه وسلم على ذلك، وقد كانوا يمدحون ذوي الكرم والشجاعة، ولم يحصل من ذلك إنكار عليهم، لأن هذا من الحث على فعل الخير والتمسك بالخصال الطيبة ونشر المكارم.

وأما قول الله تعالى: ﴿وَٱجۡتَنِبُواْ قَوۡلَ ٱلزُّورِ جاء قبله قوله جل جلاله: ﴿فَٱجۡتَنِبُواْ ٱلرِّجۡسَ مِنَ ٱلۡأَوۡثَٰنِ [الحَجّ: 30] الرجس: النجس، والأوثان كل ما عبد من دون الله، وهي نجسة نجاسة معنوية، وليست نجاسة حِسيَّة؛ لأنها مصنوعة من الحجارة والخشب. ومادّتها طاهرة، إنما نجاستها معنويّة، وقوله: ﴿مِنَ ٱلۡأَوۡثَٰنِ، « مِنْ » تبيينية وليست تبعيضيّة، فكلها رجس.

والشاهد من ذلك كله هو قوله: ﴿وَٱجۡتَنِبُواْ قَوۡلَ ٱلزُّورِ، فقول الزور: هو الكذب، والزور مأخوذ إما من التَّزوير، وهو: التحسين والتزيين، وإما من الإزورار، وهو: الانحراف عن الاعتدال، وقول الزور يشمل الشرك بالله عز وجل، وكذلك شهادة الزور عند القاضي، ويشمل أيضًا الكلام المنمّق الذي ليس له حقيقة، وإنما يُزوّر ويُنمق ويُحسّن، وليس له حقيقة، كل ذلك من أجل خداع الناس،


الشرح