وعن أبي كَبْشَة الأَنْماري رضي الله عنه مرفوعًا: «مَثَلُ هذه الأُمَّة
كمَثَل أربعةِ رجال: رجل آتاه الله مالاً وعلمًا فهو يعمل في ماله بعِلْمه، ورجل
آتاه الله علمًا ولم يؤته مالاً، فقال: لو كان لي مالٌ مثل مالِ فلان لعملتُ فيه
مثلَ عملِه، فهما في الأجر سواءٌ، ورجلٌ آتاه الله مالاً ولم يؤته علمًا، فهو
يتخبَّط في ماله لا يدري ما له مما عليه، ورجلٌ لم يؤته الله مالاً ولا علمًا
فقال: لو كان لي مثلُ مالِ فلان لَعملتُ فيه مثلَ ما عمل فلان، فهما في الوِزْر
سواءٌ». وصحَّحه الترمذي ([1]).
****
فَأَصۡلِحُواْ
بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي
تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ
بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ﴾[الحُجرَات: 9]، وقال: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ
إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ
تُرۡحَمُونَ﴾[الحُجرَات: 10]، ومن هنا لا يجوز القتال بين المسلمين، وإن حصل فالواجب
السعي لإصلاح ذات البين وكف بعضهم عن بعض، فإن لم يُجْدِ الإصلاح، فتُقاتل الفئة
التي لم تقبل بالإصلاح حتى ترجع عن غيِّها، وهذا هو قتال البغاة الذي بوَّب له
العلماء في كتبهم.
هذا الحديث فيه أن من تمنَّى أن يكون مثل أهل الخير، فإنه يلحق بهم، وإن لم يعمل مثل عملهم لعجزه عن ذلك، فهو يلحق بهم بنيَّته، فلو تمنى الفقير أنه لو كان عنده مثل ما عند الغني من المال كي يتصدق مثل الغني لكان مثله في الأجر، وكذا رجل لم يؤته الله علمًا ويتمنى أن يكون مثل العالم الذي يعلّم الناس ويرشدهم، لكنه لا يملك
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2325)، وابن ماجه رقم (4228)، وأحمد رقم (18024).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد