×
شرح كتاب الكبائر

لأن هذا ردٌّ على الأعراب الذين قالوا:﴿ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا[الحُجرَات: 14] يعني: أنهم دخلوا في الإسلام، وأما الإيمان فلم يدخل في قلوبهم، ولذلك قيل: كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمنًا، بل أحيانًا يكون منافقًا، وهو أن يكون مسلمًا في الظاهر، وكافرًا في الباطن. فدلَّ هذا على أنَّ الذي يرتاب في إيمانه ليس مؤمنًا، والشك هو التردد بين أمرين، لا مرجَّح عنده لأحدهما على الآخر، فيقول مثلاً: من الممكن أن يكون القرآن حقًّا، ومن الممكن أن لا يكون حقًا، أو يمكن أن يكون هذا الرسول صادقًا، أو غير صادق وهكذا، فهو شاكٌّ متردد، فهذا ليس بمؤمن، أما المؤمن فهو صادق الإيمان ليس بمتردد ولا شاكّ.

وهذا فيه دليل على أنه يجب على المسلم أن يتفقد إيمانه، فإن حصل له شك، فإنه ينبغي له أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويتجاهل وسوسته في نفسه ويكتمها ولا يتكلم بها، فإنها لا تضره، أما إذا نطق بها ضرته.

والمؤمنون هم الذين ذكر الله صفاتهم في أول سورة البقرة، قال تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِيؤمنون بما لم يروه من أمور الآخرة، كالجنة والنار، وأمور الماضي والمستقبل اعتمادًا على الخبر الصادق من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهم لم يروا الله تعالى عيانًا، لكنهم رأوا آياته الدالة علىه سبحانه وتعالى فآمنوا به، فهم اعتمدوا في إيمانهم على الآيات والدلائل التي تدل عليه سبحانه، مثل الآيات الكونية، وخلق السماوات


الشرح