×
شرح كتاب الكبائر

وفي وقعة أُحد كذلك، قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيۡكُم مِّنۢ بَعۡدِ ٱلۡغَمِّ أَمَنَةٗ نُّعَاسٗا يَغۡشَىٰ طَآئِفَةٗ مِّنكُمۡۖ وَطَآئِفَةٞ قَدۡ أَهَمَّتۡهُمۡ أَنفُسُهُمۡ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ ظَنَّ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِۖ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ مِن شَيۡءٖۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَمۡرَ كُلَّهُۥ لِلَّهِۗ يُخۡفُونَ فِيٓ أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبۡدُونَ لَكَۖ يَقُولُونَ لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٞ مَّا قُتِلۡنَا هَٰهُنَاۗ قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِي بُيُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمۡۖ [آل عِمرَان: 154]، وهذا يبين أنَّ وجود المرء في ساحة المعركة ليس هو الذي يُدني أجله، بل إنه لو كان في بيته ثم حَلَّ أجله لم يستقدم ساعة ولا يستأخر، إنها آجال مضروبة، ولهذا كان المؤمنون مطمئنين وهم في وسط الوغى حتى إن أحدهم ليسقط منه السوط من شدة النعاس، وفي هذه الحالة فرق بين المؤمن والمنافق، فالمؤمن مطمئن، ليس عنده قلق ولا اضطراب عند حدوث المصائب، فهو ينام مطمئنًا، قرير العين راضيًا بقضاء الله وقدره، ينتظر الفرج من الله عز وجل ويحتسب في المكاره والمصائب في سبيل الله عز وجل وأما المنافق فعلى العكس من ذلك، لأنَّ رضاه وغضبه من أجل الدنيا فقط.

وأما قوله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ هذا قَسَم من الله تعالى بنفسه الكريمة أنهم  ﴿لَا يُؤۡمِنُونَ، نفى عنهم الإيمان ﴿حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ أي: حتى يحكِّموا الرسول صلى الله عليه وسلم في الاختلاف فيما بينهم، فالاختلاف يقع بلا شك، ولكنه يُحسم بالرجوع إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، كما قال الله: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ[النِّسَاء: 59]


الشرح