أي: ارجعوا فيه إلى الكتاب والسُّنة، فمن شهد له
الكتاب والسُّنة بأنَّ الحق له حُكِمَ له بذلك، وعلى الطرفين أن يرضيا بالحكم، هذه
هي صفات المؤمنين، وهذه الآية جاءت في أعقاب آيات أنكر الله عز وجل فيها على من
يدعي الإيمان بما أنزل على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين، وهو مع ذلك يريد أن
يتحاكم في حَلِّ الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله.
حصلت خصومة بين يهودي ومنافق، أما المنافق فأراد أن يذهب ليبحث عن مخرج من الحكم الشرعي، ومن كان هذا موقفه فهو ليس بمؤمن، وفعله هذا من الكبائر الموبقة التي تنزع عن صاحبها صفة الإيمان، ولهذا قال المنافق: نختصم إلى يهود لأنهم يأخذون الرشوة، في حين قال اليهودي: نختصم إلى محمد، لأنه يعرف أنَّ محمدًا لا يقضي إلاّ بالحق ولا يأخذ الرشوة، ولذلك كان اليهود يرضون به، فالله قد فضح هذا المنافق بقوله: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ﴾، والرسول ليس محكَّمًا في أمور الأموال فقط، وإنما في كل الأمور، وفي كل خلاف، وسواء في العقيدة وهذا أهم من الأموال أو في غيرها من المسائل والقضايا، فلا بُدَّ أن نرجع في كل القضايا التي ينشأ عنها الاختلاف إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لأنَّ الله أنزل الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، ولا يكفي أن يحكِّموا الرسول فيما اختلفوا فيه لحل النزاع فحَسْب ولكن كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا﴾ [النِّسَاء: 65]، فإذا حكّموا
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد