×
شرح كتاب الكبائر

ولهما ([1]) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيسَ الشَّديدُ بالصُّرَعَة، إنما الشَّديدُ الـذي يَمْلِكُ نَفسَه عِند الغَضَبِ».

****

الرسول صلى الله عليه وسلم، وحكم لهم أو عليهم، ثمَّ وجدوا في أنفسهم حرجًا، ولم يسلِّموا، أي: لم يرضوا بذلك، فهذا دليل على عدم وجود الإيمان في قلوبهم، لأنه من صفات المؤمن أنه يرضى بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم له أو عليه.

وقوله: ﴿يَٰٓأَيَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ المراد بذلك صاحب النفس المطمئنة بقضاء الله وقدره، والتسليم بحكم الله عز وجل، واطمئنان النفس إنما يكون بالإيمان واليقين، ليقال لها: ﴿ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ[الفَجر: 28]، فيقال للنفوس المؤمنة: ارجعي إلى صاحبكِ، أي: إلى الجسد الذي كنت تسكنين فيه، راضيةً عن الله، مرضيةً عند الله سبحانه وتعالى، هذه خير عاقبة لمن كانت نفسه مطمئنة في هذه الدنيا بالإيمان، وبقضاء الله وقدره، تخاطبُ يوم القيامة عند البعث والنشور، فيقال لها: ﴿ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ﴾، أي: إلى جسدك الذي كنت فيه أو إلى خالقك راضية مرضية ﴿فَٱدۡخُلِي فِي عِبَٰدِي ٢٩ وَٱدۡخُلِي جَنَّتِي والشاهد في ذلك هو قوله: ﴿ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ؛ أي: بقضاء الله وقدره، وإلى أحكامه الشرعية، المسلّمة لله عز وجل.

كون المسلم يُمسك نفسه عند الغضب فلا تحصل منه مبادرات سيئة ولا تصرفات خاطئة، فإنَّ هذا من الاطمئنان الذي يرزقه الله لمن يشاء من عباده، فلا يَنساقُ وراء غضبه، ولا ينفعل مع الغضب، بل يُمسك بزمام نفسه حتى يذهب غضبه، أما ضعيف الإيمان، أو عديم


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6114)، ومسلم رقم (2609).