×
شرح كتاب الكبائر

 الإيمان، فإنه إذا غضب لا يُبالي ماذا فعل أو ماذا قال، لأنه يَنجرُّ وراء غضبه.

والحديث فيه إرشاد إلى أنَّ من أغضبه أمر وأرادت النفس المبادرة إلى الانتقام ممن أغضبها أن يجاهدها ويمنعها مما طلبت، حتى يزول عنها الغضب، فالله عز وجل وصف المؤمنين بقوله: ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمۡ يَغۡفِرُونَ [الشّورى: 37]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ ٣٤ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ[فُصّلَت: 34-35]، ثم قال: ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۚ [الأعرَاف: 200]، لأنَّ الشيطان يحضر عند الغضب، والغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم، وهو يحمل الغضبان على أن يعصي الله، وربما حمله على الكفر والعياذ بالله أو على القتل، أو على السب والشتم والقذف والكلام القَبيح، أما المؤمن فإنه يملك نفسه، وهذا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أقوى الناس، فليس الشديد بالصرعة، الذي يصرع الناس بقوته، وإنما هو الذي يملك نفسه عند الغضب، بما أعطاه الله من قوة الإيمان، وهي أقوى من قوة البدن.

والحاصل مِنْ هذا أنَّ الانفعال مع الغضب يُعَدُّ كبيرة من كبائر الذنوب لا سيّما إذا ترتب عليه معصية، أو نتج عنه قتل، أو كلام قبيح كأن يَسبَّ الله عز وجل أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو يسب الدين.


الشرح