عندما يخرجون من
عنده كان حالهم كأنهم ما حضروا، وفي هذا يقول الله على لسانهم: ﴿وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ
إِلَيۡكَ حَتَّىٰٓ إِذَا خَرَجُواْ مِنۡ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ
ٱلۡعِلۡمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفًاۚ﴾ [محَمَّد: 16] فهم حضروا بأجسامهم، لكنّ عقولهم وقلوبهم كانت غائبة، فكانوا إذا حضروا
خُطبَ النبي صلى الله عليه وسلم وخرجوا بعدها يسألون الصحابة: ماذا قال النبي؟ كما
سألوا ابن مسعود، فهم لا يفهمون، ولا يحفظون ولا يفقهون ما سمعوا.
والرسول صلى الله عليه وسلم شبَّه الناس مع سماعهم العلم بالأرض يصيبها المطر، فالمطر يصيب جميع الأرض، ولكنَّ قسمًا منها هو الذي يمسك الماء ويُنبت الكلأ، فيرعى الناس ويشربون وهذا أطيب الأقسام، ومنها قسم يمسك الماء ولا ينبت الكلأ، وهذا أيضًا طيب لأنه يُمسك الماء للنَّاس لشربهم كالأرض الصلبة التي لا ينضب منها الماء، فالناس كذلك عند سماع العلم من القرآن والسنة، فمنهم من يعي ويحفظ ويفهم، ومنهم من يحفظ ولكنه لا يفهم، أو أن فهمه قليل، لكنه يعتني بما سمع ويبلِّغه للناس، وقسم ثالث لا خير فيه، وهو الذي لا يقبل هُدى الله وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «مَثَل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيثِ الكثيرِ أصاب أرضًا، فكان منها نقيّةٌ قَبِلَت الماء فأنبتت الكَلأ والعُشب الكثير، وكانت منها أجادبُ أَمْسكت الماءَ فنفع الله بها الناس فشربوا وسَقَوا وزرعوا، وأصابت منها طائفةً أخرى، إنما هي قِيعانٌ لا تُمْسِكُ ماءً ولا تُنْبِتُ كَلَأً، فذلك مَثَلُ مَنْ فَقُهَ في دينِ الله ونفَعَه ما بَعَثني الله به، فعَلِمَ وعلَّم، ومَثَلُ من لم يَرْفَعْ بذلكَ رأسًا ولم يقبل هدى الله
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد