×
شرح كتاب الكبائر

الذي أُرسِلت به»([1])، هكذا ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً، وقسّم الناس وصنَّفهم تجاه الوحي والقرآن والسنة حين يسمعونها.

الصنف الأول: هم الفقهاء المحدثون، والصنف الثاني: هم الحفّاظ غير الفقهاء، والصنف الثالث: هم الذين لا خير فيهم، لا هم فقهاء ولا حفّاظ، فهم مثل الأرض السَّبِخَة: التي لا تُنبت نباتًا لملوحة أرضها، أو مثل الأرض المستوية الملساء التي يزل عنها الماء، فلا تقبل الماء في باطنها، ولا تمسكه على ظاهرها حتى يُنتفع به فكلُّ الأصناف أصابها المطر، ولم ينتفع به إلاّ الأرض الطيبة، فكذلك الناس ينقسمون إلى هذه الأقسام في تلقي العلم.

وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ [الأعرَاف: 179] اللام في «لقد»  موطئة للقَسَم، ففيه قَسَم محذوف، تقديره «والله» و «قد»: أداة تحقيق، أي: والله لقد خلقنا لجهنم، وهذا إنذار، أي: خلقنا لجهنم كثيرًا من الجن والإنس، ولم يقل: قليلاً، فأكثر الخلق من أهل النار، فلا تغترّ بالكثرة وتقول: إن أكثر الناس على ذلك، فقد قدَّرنا دخولهم جهنم بسبب أفعالهم، فهم لا يدخلون النار لأن الله خلَقهم لجهنم، لا، وإنما دخلوها بأعمالهم السيئة، وقد جاء في الحديث أنه يقال لآدم: «أَخرِجْ بعث النار، قال: وما بَعْثُ النار؟ قال: من كل ألفٍ تسع مئةٍ وتسعةً وتسعينَ»([2])، كلهم في النار، وواحد في الجنة، فلا تغترّ بالكثرة.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (79) ومسلم رقم (2282).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3348)، ومسلم رقم (222).