وليس الإنس وحدهم يدخلون النار ولكن الجن أيضًا، وهم عالم غيبي نؤمن بوجودهم وإن لم نكن نراهم، وهم مكلّفون مثلنا، ومأمورون ومنهيون، ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامَّة للجن والإنس، وهو مبعوث للثقلين بشيرًا ونذيرًا، والإنس: هم بنوا آدم، فأهل جهنم كما قال تعالى:﴿لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا﴾ [الأعرَاف: 179]، أي لم يفهموا ما سمعوا ولم ينتفعوا بشيء من هذه الجوارح التي جعلها الله سببًا للهداية، وهذا محل الشاهد هنا أنهم تركوا تعلّم العلم، وأعرضوا عن الكتاب والسنة، فحُرموا من الفقه، وفائدة القلب التي أنعم الله بها عليهم متعطلة، فهم لا يفهمون، لأن قلوبهم لا تفهم، لأنها لا تُقْدِمُ على الخير، فهي مُعرِضة عنه، وقال تعالى أيضًا:﴿وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا﴾ [الأعرَاف: 179]، فهم لهم أعين كذلك، لكنّهم لا يبصرون بها الإبصار الذي ينفعهم، وإنما يبصرون بها إبصار أصحاب الشهوات والغفلة، ولهم كذلك آذان كما قال تعالى:﴿وَلَهُمۡ ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآۚ﴾، لهم إذن يسمعون بها وليسوا صُمًّا، ولكنهم يسمعون ما يضرهم ولا ينفعهم، فهم يستعملون قلوبهم وآذانهم وأعينهم فيما لا ينفعهم، وهذا ما عليه كثير من الناس والعياذ بالله، والقليل هم الذين لهم قلوب تفقه، وأعين تبصر، وآذان تسمع الخير، هؤلاء هم القليل من الناس، وهؤلاء هم الذين يخرجون من الجهل المظلم إلى الهدى والنور والعلم النافع، وذلك لأنهم أحضروا قلوبهم، ونظروا بأبصارهم نظر اعتبار واتعاظ، وسمعوا بآذانهم ما ينفعهم من القول الطيب والكلام النافع، هؤلاء الذين فقهوا وعقلوا.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد