×
شرح كتاب الكبائر

ولمسلم ([1]) عن جابر رضي الله عنه مرفوعًا: «اتَّقوا الشُّحَّ، فإنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كانَ قبلَكُم، حَمَلَهُم عَلَى أنْ سَفَكُوا دِماءَهُم، واستَحَلُّوا مَحَارِمَهُم».

****

 سبب آخر، فلا نجاة من الموت، فلماذا لا يكون موتًا في سبيل الله؟ فمن يُقتل في سبيل الله ينال حياة دائمة. قال تعالى:﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ [آل عِمرَان: 169]  هم أحياءٌ ولكن لا ندري حقيقة حياتهم لأنها في البرزخ، فالشهادة حياة، ولهذا يقول أبوبكر الصديق رضي الله عنه: احرص على الموت توهب لك الحياة، يعني: حياة الشهداء، ومن ترك شيئًا لله، عوّضه الله خيرًا منه.

في المقابل يصف الله المؤمنين وتحرقهم للجهاد وسعيهم له، لما يعلمون من عظم أجره فيقولون: ﴿لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ مُّحۡكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِيِّ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ[محَمَّد: 20]، تنزل سورة في الجهاد تأمرهم به فيبادرون إليه طمعًا في الأجر والثواب فهم يستبطئون حصول الأمر بالجهاد ويطلبون سرعة الأمر به وهذا دليل على أنَّ الجهاد يرجع في شأنه إلى الكتاب والسنة لا إلى مجرد الرغبة فيه لأنه عبادة والعبادات توقيفية.

في هذا الحديث حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من الشُّح، وهو أشدُّ من البخل، لأنَّه يحمل الإنسان على منع ما عنده والطمع فيما عندَ غيره، هذا هو الفرق بين الشح والبخل، فالبخل أن يمنع الإنسان ما عنده، أما الشح، فإنه يدفع الإنسان إلى التطلع إلى ما عند غيره مع منع ما عنده.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2578).