×
شرح كتاب الكبائر

واعلم أن الإنفاق في سبيل الله عبادة، سواء كان واجبًا أو مستحبًا، قال تعالى: ﴿وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوۡ نَذَرۡتُم مِّن نَّذۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُهُۥۗ[البَقَرَة: 270]، وقال: ﴿وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ[البَقَرَة: 195]، وقال: ﴿مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥٓ أَضۡعَافٗا كَثِيرَةٗۚ[البَقَرَة: 245]، فالله عز وجل حثَّ على الإنفاق في سبيله، والإنفاق في سبيل الله على نوعين:

الأول: واجب: كالزكاة، والنفقة على الأولاد وعلى الأقارب المحتاجين.

والثاني: مستحب: كالصدقات والتبرعات الخيرية، وهذا يدل على أن المنفق في سبيل الله آثر رضا الله على ما تحبه نفسه، لذلك فإنه يؤجر أجرًا عظيمًا، ويُثاب ثوابًا جزيلاً، وقد مدح سبحانه المؤمنين الأبرار المنفقين، وأنهم إنما يفعلون ذلك ابتغاء مرضاته فقال: ﴿وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا ٨ إِنَّمَا نُطۡعِمُكُمۡ لِوَجۡهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمۡ جَزَآءٗ وَلَا شُكُورًا [الإنسَان: 8-9] وقال تعالى ذاكرًا أن الإنفاق من المال الذي يحبُّه المرء ﴿لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ [آل عِمرَان: 92].

وأما إذا كان الإنفاق في غير طاعة الله، كان هذا من باب الإسراف والتبذير المذموم، فالله عز وجل لا يحب المسرفين، فقال سبحانه: ﴿وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ [الأعرَاف: 31]، وقال أيضًا:﴿وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا[الإسرَاء: 29]، وقال: ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمۡ يُسۡرِفُواْ وَلَمۡ يَقۡتُرُواْ وَكَانَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ قَوَامٗا [الفُرقان: 67]، أي: إنَّ شَرع الله عَدْل بين الغالي فيه والجافي 


الشرح