×
شرح كتاب الكبائر

لنفسك، فأحبها لإخوانك، وادعُ لهم، وهذا هو شأن المؤمنين فيما بينهم، فلا ينبغي لهم أن يكون في أنفسهم حرج مما أعطى الله لإخوانهم من الخير، وإنّما يسألون الله تعالى أن يعطيهم من فضله مثلما أعطى إخوانهم.

وجاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «إياكم والحسد» هذا تحذير من آفة الحسد، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: «إياكم ومحدثات الأمور»([1])، أي: احذروا الحسد، والسبب أنَّ الحسد يأكل الحسنات، بمعنى أنه يقضي عليها، لأنَّ الإنسان إذا حسدَ أخاه أبغضه، وقد يحمله على الغيبة والنميمة والقتل والقطيعة وغيرها، وهذه ذنوب وكبائر تقضي على الحسنات، ثم ضرب صلى الله عليه وسلم لذلك مثـلاً واضحًا محسوسًا، فقال: «كما تأكل النار الحطب» فماذا يبقى من الحطب إذا اشتعلت فيه النار؟! لا يبقى شيء، وفي رواية: «كما تأكل العشب»، والعشب إذا أُضرمت فيه النار أتت عليه، سواء كان ثابتًا في الأرض، أو مجموعًا مع بعضه، فالحسد يأكل الحسنات، وهذا أكل معنوي، كما تأكل النار الحطب، وهذا أكل حسي، فشبه النبي صلى الله عليه وسلم الأمر المعنوي بالأمر الحسي من باب التوضيح والتحذير لنا، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «دبّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء»([2])، فلقد وصفه بأنه داء، فهو من الأمراض النفسية التي كانت في الأمم السابقة لا سيّما اليهود والنصارى وقد دبّ في بعض هذه الأمة، لهذا حذَّرَ النبي من هذا المرض الخطير.

*****


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2510)، وأحمد رقم (1412).