×
شرح كتاب الكبائر

ثانيها: اليمين المنعقدة أو اليمين المُكَفِّرة: وهي التي يُقصد عقدها على أمر مستقبل، كأن يقول: والله لأفعلنَّ كذا، والله لا أفعل كذا، يعني: في المستقبل، وهي التي تَجبُ فيها الكفّارة، ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلۡأَيۡمَٰنَۖ فَكَفَّٰرَتُهُۥٓ إِطۡعَامُ عَشَرَةِ مَسَٰكِينَ [المَائدة: 89].

ثالثها: اليمين الغموس: وهي الحلف على أمر ماضٍ كاذبًا متعمدًا، وهذه ليست فيها كفّارة، إنما فيها التوبة إلى الله عز وجل والاستغفار، فإذا لم يتب الإنسان منها، فإنها تغمسه في الاثم، ثم في النار، كأن يحلف أنه رأى فلانًا يفعل كذا وهو لم يره، أو يحلف على سلعة أنَّ ثمنها عليَّ بكذا وهو كاذب متعمدًا لذلك، فهذه هي اليمين الغموس التي تجري على ألسنة كثير من التجار والباعة في الأسواق، يروّجون بها سلعتهم، وقد جاء في الحديث أن من الذين لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكِّيهم ولهم عذابٌ أليم: «والمُنَفِّقُ سِلْعَتَه بالحَلِفِ الكاذِبِ»([1])، لا يشتري إلاّ بيمينه، ولا يبيع إلاّ بيمينه، وقال عليه الصلاة والسلام: «الحَلِفُ مَنْفقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مَمْحَقَةٌ لِلْبَرَكَةِ»([2])، فالحَلِفُ مروِّج للسلعة، ولكنه سببٌ لذهاب المال، إمّا بتَلَف يلحقه في ماله أو بإنفاقه في غير ما يعود نفعُه إليه في العاجل، أو ثوابه في الآجل جرّاء هذا اليمين، وهو يأتي بعد شهادة الزور في غِلَظ تحريمه وعِظَم إثمه، ويدخل في هذا اليمين في


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (106).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2087)، ومسلم رقم (1606).